نحكي لكم اليوم يا أحبابي قصة أيوب عليه السلام وصبره على البلاء وكيف عوضه الله وكشف عنه الضر..
عاش نبي الله أيوب وزوجته رحمة حياة سعيدة هانئة بما أنعم الله عليهم من نعم كثيرة لا تعد من الذرية الصالحة والأولاد والبنات وقد رزقه الله أرضا واسعة ومنزلا كبيرا ومراعي بها أنواع الماشية من ماعز وغنم وبقر وكان نبي الله أيوب عليه السلام يعمل هو وزوجته بيديهما رغم كثرة الأموال والخدم لديهما وكانا دائما الشكر لربهما يطعمان الفقراء والمساكين لذا أحبهما الناس وأحبوا أولاده
ولكن الشيطان الذي لا يحب الخير للناس حسد أيوب عليه السلام وبدأ يوسوس للناس قائلا لهم: إن أيوب يعبد الله لأنه يخاف على ماله من الضياع ولو كان فقيرا ما عبد الله أبدا وبدأ الناس يصدقون وساوس الشيطان فأراد الله أن يكشف للناس كذب الشيطان وبدأ الابتلاء فجأة فقد أيوب أملاكه وماتت المواشي ونزلت صواعق من السماء حرقت المزارع والحقول وكل ما فيها و أيوب عليه السلام صابرا محتسبا ويصبر زوجته رحمة ثم اشتد البلاء أكثر إذ مات جميع أولاده وبناته ثم أصابه ابتلاء آخر في جسده وأصبح جسده ممتلئا بالقروح وابتعد الناس عنه خوفا من العدوى واعتقدوا أن سبب البلاء أن أيوب عليه السلام عصى الله وظنوا أن اللعنة ستصيبهم كما وسوس لهم الشيطان لذلك طلبوا منهما الخروج من البلدة وظل أيوب عليه السلام صابرا شاكرا رغم البلاء وحيدا في الصحراء مع زوجته الوفية رحمة
وبعد زمن من الابتلاء و الصبر أذن الله أن يكشف عن أيوب البلاء فعادت إليه صحته ونما الزرع من حوله حتى أن زوجته رحمة لم تعرفه عندما رأته وسألته هل رأيت نبي الله أيوب فقال لها أنا أيوب فعجبت زوجته وفرحت برحمة الله ثم رزقه الله بنين و أحفادا وعرفت كما عرف الجميع أن الصحة والعافية والغنى من الله كما المرض والابتلاء من الله، حينها آمن الناس وأيقنوا أن أيوب نبي الله وأن ما مر به ابتلاء ليكافئه الله جزاء صبره وعاش مرة أخرى مع زوجته وأولاده في خير وهناء كما كانا قبل الابتلاء في سعادة وهناء.
-----------------------------------
سأحدثكم اليوم يا أبنائي عن قصة جميلة نزلت بسببها آية في القرآن.. فتعالوا نسمعها من بدايتها..
كاد الطفل عميرٌ يرى الدنيا مظلمة بعد أن مات أبوه وتركه يتيمًا، ولكن أحزان عمير لم تطُل، فقد تقدم للزواج من أمه أحدُ أغنياء المدينة، وهو الجلاس بن سويد، ووافقت أمه.
وطابَت الحياة الجديدة لعمير؛ فقد كان الجلاس مُحبًّا له، فأحبه عميرٌ، وعاشت الأسرة في سعادة.
ومرت الأيام حتى حدَث بالمدينة أمرٌ جديد، فقد ازداد فرح الناس جميعًا ذات يوم، وزينوا المدينة، وخرج أهلها إلى شوارعها ينشدون أجمل الأناشيد فرحًا بالقادم الجديد، فقد كان هذا يوم وصول النبي صلى الله عليه وسلم إليهم مع صاحبه أبي بكر رضي الله عنه.
دخل الجلاس وعمير في الإسلام، وأحب عمير الإسلام ونبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم حبًّا عظيمًا أكبر من كل شيء في حياته.
تجهيز الجيش:
وفي السنة التاسعة، دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الخروج للغزو لقتال الروم، الذين قتلوا بعض المسلمين بلا ذنب.
وكانت هذه السنة قليلة الزروع والخيرات، والمال مع الناس قليلٌ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى التبرع لتجهيز الجيش.
بدأ الصحابة يتبرعون بما يقدرون عليه من المال أو المتاع، بل إن بعضهم أتى بكل ماله، ثقةً منه أن الله سيعوضه خيرًا، فها هو أبو بكر يأتي بماله كله، ثم يأتي عمر بنصف ماله، وغيرهم كثير، ويضعون أموالهم أمام النبي صلى الله عليه وسلم طلبًا لرضا الله.
الفاجعة:
وانتظر عمير أن يرى الجلاس يتبرع، فهو من أثرياء المدينة، وأقدر الناس على الإنفاق، فلما رأى أن الجلاس قد تأخر كثيرًا، قرر عمير أن يفاتحه في الأمر ويذكّره بواجبه في التبرع لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإنفاق في سبيل الله.
وما أن ذكّر عميرٌ الجلاس بأمر الإنفاق حتى ردَّ عليه الجلاس قائلاً: إن كان محمد صادقًا فيما يقول فنحن شرٌّ من الحمير.
كان الردُّ مذهلاً، فهو يعني أن الجلاس لم يصدق النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو أحد المنافقين الذين يُظهرون الإيمان، ويُخفون الكفر.
الاختبار الصعب:
فكيف يتصرف عمير الآن والجلاس كان أحبَّ الناس إلى قلبه؟ كيف يتصرف بعد أن علم حقيقة الجلاس وبغضه للإسلام، وكراهيته للنبي صلى الله عليه وسلم؟
قال عمير للجلاس: والله إنك لأحبَّ الناس إليّ، وأعزهم عليّ، ولكنك قلتَ مقالة إن ذكرتُها للنبي لتفضحنَّك، وإن كتمتُها لتُهلكنَّ ديني، والأولى أسهل عليَّ من الثانية.
ثم ذهب عمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال الجلاس.
الورطة:
استدعى النبي صلى الله عليه وسلم الجلاس وسأله عمَّا قاله عمير، فسارع الجلاس إلى الإنكار، وأقسم أنه لم يقل شيئًا.
ولم يستطع النبي صلى الله عليه وسلم أمام حَلِفِ الجلاس وإنكاره أن يُعاقبه أو يُعاتبه، وعندها سارع أصدقاء الجلاس- وكانوا من المنافقين- إلى إلقاء اللوم على عمير الذي لم يحفظ للجلاس إحسانه إليه، وقالوا لعمير: أهذا جزاء إحسانه إليك؟
كاد عمير يسقط مغشيًا عليه، وراحت دموعه تسيل، وقلبه يدعو الله أن يكشف الحقيقة أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل جبريل بآيات من القرآن تكشف زيف الجلاس وكذبه هو ومَن معه مِن المنافقين، وتبرِّئ عميرًا المؤمن الصادق مما اتّهمُوه به من الكذب، نزل جبريل بقوله تعالى: "يحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا..."[التوبة:74]. فقرأها النبي ضلى الله عليه وسلم، وعندئذٍ أسرع الجلاس قائلاً في ندم: بل أتوب يا رسول الله. صدق عميرٌ وأنا الكاذب.
تنهَّد عمير وشعر أن كل ذرة في جسده تريد أن تسجد شكرًا لله الذي استجاب دعاءه، وأظهر براءته.
وتاب الجلاس وحسُنت توبته؛ بفضل صدق عمير، وكان الجلاس بعد ذلكيشكر عميرًا ويقول: جزى اللهُ عميرًا عني خيرًا.